[CENTER]
معارض الفنون المدرسية
ازداد اهتمام الباحثين من رجال التربية وعلم النفس في العصر الحديث برسوم الأطفال ازدياداً كبيراً ، وصدرت المؤلفات المتنوعة والدراسات والأبحاث الطويلة متناولة رسوم الأطفال بجدية وعلمية ،وأقيمت المعارض والمهرجانات والمسابقات الدولية لهم .واجتذبت إليها كبار الفنانين ، ولعل ما قاله فنان العصر (بيكاسو) أثناء تجواله في معرض رسوم أطفال فرنسا وانجلترا أبلغ دليل على أهمية العفوية والصدق والحرية والحس الجمالي الرائع لرسوم الأطفال ، فقد عقب على زيارة المعرض قائلاًً : (( عندما كنت في سن هؤلاء الأطفال كنت أرسم مثل رفائيل ، لقد اقتضاني الأمر سنوات طويلة لأحرر نفسي من هذا ، وأتعلم كيف أرسم مثل هؤلاء الأطفال )) .
والمدرسة بالنسبة إلى الطفل هي البيئة التي عن طريقها يكون عاداته وذوقه واتجاهاته ومهارته وسلوكه الخلقي ، وكذلك نظرته العامة إلى الوجود كله .
أسس إقامة المعرض المدرسي :
يجب مراعاة القواعد التربوية والملاحظات الأساسية التالية عند إقامة المعرض للأطفال :
• أن يمثل المعرض الأعمال الممتازة ، وأن تكون من إنتاج التلاميذ أنفسهم .
• يراعى التشجيع لأكبر عدد من التلاميذ حين التوزيع , وألا يكون عدد قليل مثار اهتمام المعلم ، أي أن يعرض المعلم أنجح الأعمال ،فإن وجد العدد قليلاً فليس هناك مانع تربوي من عرض بعض النماذج من مستوى أدنى شريطة مراعاة الحدود الوسطى لانتقاء أعمال التلاميذ.
• أن يسود العرض الدقة والتنظيم ، لأن أسلوب العرض سيكون الوسيلة التي سينقل عنها التلاميذ أسس التنظيم العملي للأشياء فيقلدونها عند تزيين بيوتهم في المستقبل .
• أن يسجل التلميذ اسمه وعمره وصفه ومدرسته واسم الموضوع وتاريخ عمله على الإنتاج ، بطريقة لا تشوه منظره أو تلفت النظر إلى الكتابة أكثر من الرسم نفسه .
• يجب الإعلان عن زمان ومكان العرض ببعض الإعلانات والتي يقوم التلاميذ بإعدادها وكتابتها .وتوضع هذه الإعلانات في أماكن مدروسة تحقق هدفها .
• يجب إشراك التلاميذ في ترتيب وتنسيق المعرض .فلهذا الاشتراك أثر كبير في سلوكهم وتنمية قدراتهم على التذوق السليم ، وخوض التجارب العملية في وضع اللمسات الفنية على الواقع مباشرة ، وخاصة عندما يكون أسلوب العرض ناجحاً ومحققاً للأسس الجمالية والتي تتآلف فيه المعروضات وتبدو متوافقة من حيث الشكل العام واللون ، فتظهر كل لوحة أو عمل فني مستقلا بذاته وكيانه ، ويراها التلميذ بيسر وسهوله كبيرين .
أنواع المعارض :
تتعدد أنواع معارض فنون الأطفال ، نذكر فيما يلي أهمها :
•
(( معرض الصف ))
يقام هذا المعرض في حجرة الصف أو حجرة التربية الفنية ،ودراسة الجدران والفراغات المناسبة كوحدة ضرورية وأساسية ، ويراعى تناسق أشياء الحجرة من أثاث وسبورة .... ويستطيع المعلم إقامة المعرض في ركن معين من الصف أو على جدار معين ، والأفضل وضع المعروضات على حوامل خاصة من الخشب . وتتبدل هذه المعروضات كلما تناول المعلم موضوعا جديدا, ولا تترك المعروضات التي تنتمي لمناسبات قديمه زمنا طويلا, ويجب أن نلاحظ أن تكثيف المعروضات يشتت الانتباه ويؤثر سلبا على التلاميذ, فيجب مراعاة الانتقاء بعناية
• (( المعرض الموجه # الهادف # ))
يشعر المعلم أحيانا بحاجه ماسه لإيضاح أمر فني أو موضوع معين, فيقيم معرضا بغية حل المشكلات الفنية التي قد تعترض التلاميذ, كاستعمال الألوان الشمعية ( الباستيل ) أو المائية أو الغواش .
وقد يكون معرضا لنماذج مصنوعة من الفخار أو الخزف أو لوحات زخرفيه للاستفادة منها في أنسجة السجاد أو تزيينات جداريه لتبيان أصول الزخرفة العربية.
ويمكن أن يكون المعرض خاصا بالخط العربي والذي يتضمن نماذج لروائع الأعمال الفنية التي توضح روعة وجلال الحرف العربي .
وأحيانا أخرى يكون المعرض خاصا لمناظر طبيعية تحمل روعة الطبيعة الأخاذة، لتنمية الحس الجمالي أو لأخذ فكرة عن قيم ألوان الطبيعة وتدرجات الألوان اللامتناهي .
وقد يهدف المعرض تأكيد واكتشاف الأهمية الكبيرة للخامات البيئية والمحلية والمجالات التي يمكن استخدامها في الأغراض الفنية، وكل ذلك يجعل الفرص المتاحة للتجريب والعمل تلقائية .
• (( معرض المناسبات أو الموضوع ))
وهو أن يكون الإنتاج الفني المعروض موحدا من حيث الموضوع ويحمل فكرة واحدة، ولكن كل تلميذ بمفرده يكون قد عالج الموضوع من زاوية خاصة حسب إمكاناته الفكرية والصنعية والفنية .
وتثير هذه المعارض روح المنافسة نحو الأفضل، فيشترك التلاميذ جميعا في انتاج فني يوحد الموضوع والفكرة . وهذه المعارض محببة للتلاميذ لاشتراكهم في موضوع معين وإعطائهم فرصا للتنافس الإيجابي . ولمعارض الموضوع الواحد أثر نفسي في توجيه الانتباه ولفت الأنظار نحو فكرة محددة هي فكرة الموضوع . لهذا يجب ربط الموضوع بالمناسبة الزمنية . فيقام المعرض في الوقت نفسه الذي يتمشى من المناسبة، كيلا يفقد اهتمام التلميذ وعنايته .
•
(( المعرض السنوي ))
وهو المعرض الذي يمثل حصيلة العام الدراسي . فيعرض فيه إنتاج التلاميذ من الصفوف كافة , ليكون فكرة صادقة عن نشاط المدرسة، وهذا المعرض ضروري وأساسي يجمع كل إنتاج التلاميذ خلال عام دراسي ( نحت / رسم / أعمال يدوية / خشب / خزف / فخار ) ويدعى لهذا المعرض المسؤلين وأولياء أمور التلاميذ . فيعطي نوعا من الحيوية والنشاط الثقافي , وتتوطد الصلة بين المدرسة والبيئة ، ويدفع التلاميذ لابتكارات جديدة ، وتجعل ثقتهم بأنفسهم أكبر.
(( تخطيط المعارض ))
يراعى عند تخطيط معارض الأطفال الأسس التالية :
1 / إبراز الفروق الفردية : ويكون بإبراز حقيقة الأساليب الفنية التي يتجه إليها الأطفال ، وتميز فردياتهم المختلفة ، وذلك ليتيح للمشاهدين المتذوقين التفريق والتمييز بين ذوي الاستعداد البصري والرمزي والتعبيري .. ألخ .. لأن هذه النزعات أصيلة في طبيعة الإنسان .
2 / استخدامات الخامات المحلية في اتجاهات جديدة : يحقق العلم ذلك بالتوجيه لإبراز بعض الخامات البيئية لاستخدامها في أغراض فنية للحصول على قيم ابتكاريه جديدة , وتتيح للتلميذ الفرصة ليلعب خياله في الحصول على قيم فنية حقيقية .
3 / إبراز التطور الفني لتلميذ أو لصف بأكمله : يقوم المعلم باستعراض تربوي يبين مدى النمو الذي حققه من درس لآخر، ومن خطة لأخرى ، وعلى مدى زمن معين موضحا برسوم بيانية معينة ، تتوضح فيها المهارات المكتسبة أثناء عملية التعليم .
4 / عرض الإنتاج الفني مرتبطا بالخبرات الدراسية الأخرى : يرتبط الفن بغيره من المواد الدراسية الأخرى , ويوضح للمشاهدين كيف يعلم الفن بالتاريخ والجغرافيا واللغة ، فيحقق بذلك فكرة التربية عن طريق الفن .
5 / عرض المعارض الجماعية : يمكن إشراك التلاميذ في أعمال جماعية كاللوحات الجدارية ، أو أعمال المسرح ، أو مسرح العرائس .. ويستغل دور الفن في إيجاد الصلات بين التلاميذ بعضهم ببعض ، ويستطيع المعلم المبتكر إيجاد أهداف متجددة ومتطورة , لكل ما يواجهه من مشكلات آنية .
(( الأثر التربوي لمعارض فنون الأطفال ))
1 / تساعد معارض الأطفال في نشر الثقافة الفنية ، فتمثل المعروضات خبرات بشرية .
2 / ترشد التلاميذ للأساليب والطرق الإبداعية الإبتكارية , أو الطرق التعبيرية ، وإلى كيفية معالجة خامة ما ، لوصولها إلى مستوى إخراج فني معين .
3 / تهيئ للتلاميذ الالتماس المباشر مع نماذج فنية على مستوى عالٍ ، وتهيئ لهم مثلا فنيا .
4 / تنمي في التلاميذ القدرة على التذوق , وتنمي حسهم الجمالي السليم .
5 / تدفع المعارض التلاميذ لاستيفاء الكثير من القيم الفنية والوعي الفني , فيتشرب التلميذ قيما فنية جديدة ويجد حلولا لمشكلات يعانيها في إنتاجه حينما يلاحظ ويتأمل إنتاج غيره .
6 / الاعتزاز والثقة بالنفس عندما يشعر بتقدير المجتمع له , فهو يرى أعماله تعرض فيراها الجميع .. رفاقه وأهله ومعلموه .. وتحمل اسمه . فهذا اعتراف بشخصيته ووجوده وكيانه فيزداد اعتزازا بنفسه وثقة بها , كما يحس أن المجتمع يقدره ويحترمه .
7 / تغني المعروضات القاموس الفني التشكيلي عند التلاميذ . فهناك فرق بين طفل لا يرى إلا رسومه ويتأثر ببعض الرسوم السيئة من الصحف والمجلات, ويشوه إنتاجه بهذه المستويات . وبين طفل آخر نشأ على تشرب القيم الجمالية السليمة من أعمال فنية قيمة .
8 / تعتبر المعارض حوافز ومثيرات للتعبير الفني بالنسبة لعدد كبير من الأطفال، فكثير ما يعقب الأعمال عمل فني معين ، استثارته الرغبة لدى الطفل لإنتاج مثيل له .
9 / تربط بين الأطفال والتراث الفني ,كثير من القيم الجمالية التي خلفها الأجداد .
10 / تكسي المعارض المدارس حلة جذابة , وتحول الردهات الجرداء والجو الرسمي البارد إلى جو طبيعي لا كلفة فيه .
11 / تقوي الجوانب التي ترتبط بالعين بما تتيحه للناس من اتصال وتواد وتفاهم، فلينظر إلى أب يرى إنتاج طفله معروضا في المعرض ويحاول طفله أن يشرح له رسومه ، فلا يمكن وصف الفرح البالغ للأب وما يترتب عليه من تشجيعه لطفله بمختلف الوسائل لكي ينضج ويزداد نموه .
12 / تستخدم المعارض كوسيلة لتقويم التلاميذ : فعندما تعرض نتائج أعمال التلاميذ في ردهات المدرسة أو في حجرة الفن ، فهذا اعتراف بأن التلاميذ قد حققوا نجاحا ملحوظا . وهذا الاعتراف له وقع هام على هؤلاء التلاميذ واعتراف بشخصيتهم وتفوقهم , مما يدفعهم للاستمرار في هذا التفوق في المستقبل .
الخلاصة :
أن المعارض المدرسية والاهتمام بها على اختلاف أنواعها يحقق أغراضا بعيدة المدى , وهي تؤلف ركنا أساسيا في تنمية الحس الجمالي عند الأطفال . هذا وخلق البيئة الجمالية في المدرسة لا يأتي إلا عن طريق تنظيم عرض الإنتاج الفني باستمرار وتجديد دائمين . ليعكس على الأطفال ما يتضمنه ذلك الإنتاج من قيم جمالية وفنية وليشرب الأطفال كثيرا من العادات الخيرة وليرتفع مستوى ذوقهم العام ، وينشر الوعي الفني على أوسع نطاق .
(( منقول بتصرف ))
( مجلة التربية / العدد 147 – 149 / سبتمبر- اكتوبر- نوفمبر 1997م )
الاستاذ : حمزة جميل جانم .
مصادر البحث : د/ محمود بسيوني- طرق تعليم الفنون.
أ / ممدوح قشلان- أصول تدريس الفنون,لدور المعلمين والمعلمات .
- محمد غنوم – معارض الأطفال – حلقة بحث 1992م .[
/CENTER]تحياتي : شمسه ..
Bookmarks